باقون هنا . . .
قصيده رائعه من ديوان نريد عربياً اخر للكاتب رافع خيري حلبي
أتمنى ان تنال اعجابكم الكلمات التي لفتت انتباهي
لكم تحياتي واعذروني للتقصير
&&&&
باقون هنا . . .
- 1 -
نحنُ بَاقونَ هُنا . . .
هُنا نحنُ باقونْ . . .
مع كلِّ أعباءِ الماضي والجراح ِ
لنْ نرحلَ . . .
لنْ نزولَ بإذن ِ واحد ٍأحد ٍ
نَتشبَّثُ بالأرض ِ
حجرا ً منعهد ِ الأنبياءِ
زيتونة ً من غرس ِ الأجدادِ
وكلمات ٍ من أمر ِالرحمن ِ . . .
نحنُ باقونَ هُنا
وَشما ً على جُداران ِ الرمل ِ
حجرا ً أثريا ً مَصْلوبا ً
وَشما ً على جُدران ِ الزَّمن ِ البَاقِي
من أجله ِ نحنُ باقون . . .
كي لا يحزنَ الوطنُ لِغرْبَتِنا
ولا يطولُ انتظارُ المُسافِرينَ
لنْ نتشردَ في قوافل ِ الرحيل ِ
باقونَ هُنا على الكرمل ِ
للحربِ للسلم ِ للحق ِ للظلم ِ . . .
باقونَ تَحتَ الماءِ . . فوقَ النار ِ . . .
نموتُ ونولدُ ألفَ مرة ٍ كلُّ يومٍ
في قمة ِ التضحية ِ
في قمة ِ الحنين ِ إلى الوطن ِ
من أجله ِ نحنُ باقونْ
وشما ًعلى جدران ِ الزمن ِ
بصمات ٍ فوقَ ماءِ نبع ِ - أم الشـُّقف
آثارَ أقدام ٍ بعدَ عاصفة ٍهوجاءَ
حجرا ً رزينا ً في قلبِالأعداءِ
لا يهزُّهُ غبارُ المسافاتِ
ولا ريحُ الصحراءِ
باقونَ هنا . . . باقونَ هناك . . .
في قلبِ التاريخ ِ تنتقلُدمائِي
إلى الأبناءِ . . . إلى الأحفاد ِ . . .
صورة ُ الشيخ ِالأبديةِ
تُشيرُ إلى ماضِي الأجداد ِ . . .
قِفوا أهلي أبناءكرمِلي
لحظة ً هُنا لِتعْرفوا حقيقة َ الأمرِ
في ذروة ِ صراع ِ البقاءِ . . .
* * * * *
- 2 -
نحن باقون هنا
لن نـَتـْرُكَ أرض أجدادي
سنعيد زمناً قد غاب عنا
لو تدري يا صديق العمر
كم تـَمَرَّغـْتُ في النار من أجل هذا التراب
لو تدري كم لاحقني ملاك الموت
وَدَفـَعـْتُ بالموتِ بعيداً عن حجارة أرضي
وعدت إلى هنا لأقف تربة الأجداد
لن أخاف من أحد لأنني لم أعتد
وإن خِفـْتُ فلن أخف إلا من الله (عز وجل)
لن أرحل ولن أُسَلِم ذرة تـُرَابٍ
من أرضي أرض الأجداد
فسأبقى هنا حتى الميعاد . . .
ما زلت أشـْتـَمُّ رائحة جدي
قرب العين " عين عزات " والبستان
ورائحة أبي والأعمام في جبل " راس رافع "
وأرض " عرش العبيد "
مازلت أرى عرقهم يتصبب
فيمتزج في باطن الأرض
ويتدفق يجري مع ماء عين " أم الشقف "
* * *
- 3 -
كان جدي فارساً مقداماً
حدثني يوماً عن نخوة الأبطال
كيف كان يضع يده على رقبة فرسه ويركض
إلى جانبها في أرض " المنصورة "
أرض مرج ابن عامر
كأنه يسابقها ليصل الأول للمعتدين على الغلال لإقصائه
كان جدي يحب أشجار الزيتون
أوصاني أن أغرس ولا أقلع
مرت سنوات العمر وما زلت مفتوناً بالزيتون
وكبرتُ ورائحة أبي تفوح من أوراق الأشجار
فروت لي الشجرة أن جدي وأبي
والسلف الصالح
رووها في أيام الجفاف من عرق جبينهم
ودمع عيونهم . . .
وفهمت ما معنى أن أشتم رائحتهم ورائحة أجدادهم
في كل أوراق الزيتون . . .
* * *
- 4 -
قال لي جدي وأوصاني أن أفهم
شجرة زيتون باسقة في الحقل
تساوي مئة رجل أصيلين
في نفوسهم أصالة وأرواحهم طهارة
واليوم فهمت ولن أعبث
أن الإنسان شجرة الحقل
وسأغرس وأزرع ولن أقلع
وسأكتب على صدري ولن أخضع
وكل يوم إليها سأرجع
الأرض لي ولأولادي
حتى لو مت برصاص
لن أبعها . . .
لن أهملها . . . أو عنها أرحل