" أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ♦ إِرَمَ ذَاتِ الۡعِمَادِ ♦ ♦ الَّتِي لَمۡ يُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِي الۡبِلَادِ "
89- سورة الفجر؛ الآيات 6-8
يرد الحديث عن قوم عاد في العديد من الآيات القرآنية. ولقد أرسل النبي هود إلى قوم عاد ودعاهم إلى عدم الشراك بالله. ورغم تحذيرات النبي هود هذه، إلا أن قوم عاد استمروا في الشراك بالله وارتكاب الظلم. وفي النهاية هلك قوم عاد الذين كانوا يعيشون في مدينة إرم ذات العماد العالية، الجميلة جدا بسبب ريح عاتية.
وفي أوائل سنوات 1990 نقلت صحف العالم المشهورة كشفا أثريا مهما للغاية بعناوينها التالية:" العثور على المدينة العربية الرائعة"، " العثور على المدينة العربية الأسطورية." والخاصية التي جعلت هذا الكشف المثير أكثر جذبا، إنما هي ذكر اسمها في القرآن. لقد دحض هذا الكشف من كانوا يرون أن قوم عاد مجرد أسطورة وأنه لا يمكن العثور على هذا المجتمع في أي وقت على الإطلاق.
لقد عثر باحث آثار عادي يدعى نيكولاس كلاب Nicholas Clapp على المدينة التي تحدث القرآن عنها. وقد قرر كلاب العثور على هذه المدينة التاريخية انطلاقا من المصادر المدونة. وبعد سعي طويل من أجل إثبات وجود هذه المدينة، أنقع وكالة ناسا وتمكن من التقاط الصور للمنطقة بواسطة القمر الصناعي. وقد تسنى لكلاب أن يكتشف هذه المدينة في ظل التقاط صور الطرق من القمر الصناعي.
واعتبارا من اللحظة الأولى التي تم فيها استخراج الأنقاض، تأكد أن هذه المدينة الخربة خاصة بقوم عاد المذكورين في القرآن. وكانت الأعمدة الطويلة التي أشير إلى وجودها في القرآن تحتل مكانها بين الأبنية التي استخرجت في الحفريات. ويقول د. زارينس Zaris من فريق البحث الذي يشرف على أعمال الحفريات إن الأعمدة العالية هي الشيء الذي يميز هذه المدينة عن غيرها من الاكتشافات الأثرية وإن هذه المدينة هي مدينة إرم المذكورة في القرآن. ويتوافق ما ذكره القرآن من أخبار أخرى تتعلق بهلاك قوم عاد مع تلك الاكتشافات الأثرية.
هلاك قوم عاد
" وَأَمَّا عَادٌ فَأُهۡلِكُوا بِرِيحٍ صَرۡصَرٍ عَاتِيَةٍ "
69- سورة الحاقة؛ الآية 6
" فَلَمَّا رَأَوۡهُ عَارِضًا مُّسۡتَقۡبِلَ أَوۡدِيَتِهِمۡ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمۡطِرُنَا بَلۡ هُوَ مَا اسۡتَعۡجَلۡتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ "
46- سورة الأحقاف؛ الآية 24
وعندما رأى قوم عاد السحاب الذي سيجلب لهم العذاب ظنوه سحابا ممطرا. إن العاصفة التي تهب وهي تثير رمال الصحراء تشبه سحاب المطر من بعيد. ومن الواضح في جميع الآيات القرآنية أن قوم عاد قد أهلكوا بآفة طبيعية. وليست هناك أية آفة من الآفات الطبيعية على الإطلاق مثل آفة الانفجار البركاني والسيل تتفق مع قوم عاد الذين تحدث عنهم القرآن، ولا مع المدينة التي ظهرت في دراسة الحفريات. في حين أن العاصفة التي هبت وهي تثير رمال الصحراء، تتفق مع ما تم العثور عليه. وأول علامة على العاصفة الرملية، هي سحابة ممتلئة برمال تذروها الرياح القوية، وترتفع مئات الأمتار لأعلى بسبب التيارات الدائمة الارتفاع. في حين تشير الآية إلى أن قوم عاد أدركوا هذا السحاب ولكنهم ظنوه سحابا ممطرا.
لقد استخرجت المدينة التي يدعى أنها بقايا قوم عاد، من تحت طبقة رملية سمكها أمتار. يبلغ سمك هذه الرمال 12 مترا. ويتمثل أهم دليل على أن قوم عاد دفنوا تحت الأرض بواسطة عاصفة رملية، في إشارة القرآن إلى هضاب الرمال من أجل تعيين مكان قوم عاد. وتقول الآية:
" وَاذۡكُرۡ أَخَا عَادٍ إِذۡ أَنذَرَ قَوۡمَهُ بِالۡأَحۡقَافِ وَقَدۡ خَلَتۡ النُّذُرُ مِن بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِ أَلَّا تَعۡبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٍ "
46- سورة الأحقاف؛ الآية 21
وكلمة" أحقاف" هي المقابل العربي للكلمة التي ترجمناها إلى" Kum tepeleri/ قمم الرمال". وهي جمع كلمة" حقف" التي تعني" قمة الرمل" في اللغة العربية. ويكتب البعض كلمة" أحقاف" كما هي دون أن يترجمها قائلا إن هذه الكلمة اسم خاص بالمنطقة التي عاش فيها قوم عاد. ولو كان هذا صحيحا؛ فإن الحقيقة التي بلغها هذا الاسم لا تتغير لأن هذه الكلمة تعني هضاب الرمال، وهذا المكان مليء بالهضاب الرملية.
ونتيجة لذلك فإن الاكتشافات الأثرية والتاريخية تتضافر مع قصص قوم عاد، ومدينة إرم ذات العماد العالية. واستخراج هذه المجتمع من تحت الرمال بواسطة الأبحاث المنفذة حديث جدا. ويخبر القرآن بوجود الأدلة لنا في الأمم المهلكة، وكلما تقدم علم الحفريات كعلم مستقل، وقدم لنا الاكتشافات الجديدة، تزداد الأدلة التي أخبر عنها القرآن، وتكشف لأعيننا عن لوحات تدعو إلى العبرة والعظة.
" فَأَمَّا عَادٌ فَاسۡتَكۡبَرُوا فِي الۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ الۡحَقِّ وَقَالُوا مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمۡ يَرَوۡا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُمۡ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجۡحَدُونَ♦ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحًا صَرۡصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمۡ عَذَابَ الۡخِزۡيِ فِي الۡحَيَاةِ الدُّنۡيَا وَلَعَذَابُ الۡآخِرَةِ أَخۡزَي وَهُمۡ لَا يُنصَرُونَ ♦"
41- سورة فصلت؛ الآيات 15-16